غزة / خاص سما / باتت ظاهرة التحرش الجنسي في قطاع غزة ظاهرة لا يمكن غض النظر عنها فهي موجودة ولكن مخفية تحت اطار الخوف من نظرة المجتمع ووصمة العار المصاحبة لها فمن الجاني ومن الضحية ومن يستطيع ان يجهر بصوته انه معنف جنسيا؟
تحدثت "ع" البالغة من العمر 30 عام والتي ابت ان تذكر اسمها الحقيقي خوفا من العائلة وايضا المجتمع " ابي هو من كان يتحرش بي للاسف ,وهنا تكمن الكارثة عندما تفقد الامان من اقرب الناس اليك".
اضافت "ع" التي اتشحت بالسواد وارتدت نقابا من اجل عدم كشف وجها " بحكم انني مطلقة فتجد الجميع يطمع بي ولكن ما هو ذنبي ان لم تكن الظروف ملائمة لي . هل ضريبة طلاقي هي تدميري نفسيا ,ومن من ؟ من اقرب الناس لي".
تابعت" كان ابي يقوم بضربي بحجة انني اعرف شخص غريب وان سلوكي ليس جيد وبعد ضربي كان يتحرش فيا جنسيا ويمارس الجنس معي ايضا ,فقد فعلها معي ما يقارب 10 مرات ... لم استطيع فعل شي فكيف سوف اقف بوجه والدي " تابعت وهي تضحك بحسرة " كان يهددني وايضا يتهمني بانني اعرف شابا وانه سوف يفضحني ....انا اتسال كيف لوالد ان يفعل هذا الشي بابنته".
اضافت "ع" بتحدي " عندما شعرت انني لا استطيع ان اتحمل اكثر من ذلك قمت بتقديم بلاغ ضد ابي بالشرطة وحبسه وانا لا اشعر بالاسف عليه مطلقا".
وتقول "ع" لكل قريناتها اللاتي يتعرضن لمثل هذه الامور ان لا يصمتوا وان يواجهوا ما يتعرضون له لانهن قادرات على اخذ حقوقهم.
وقالت سمية حبيب اخصائية نفسية في برنامج نساء ضحايا العنف في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات لـ"سما" " التحرش الجنسي هو الاقتراب من المراة بطريقة يكون فيها نوع من الشهوة عند الرجل ويكون التحرش بالعادة من قبل اشخاص قريبين من المراة في البيت او احد الاقرباء او الجيران سواء اكان اب او اخ او جار".
وتابعت " معظم الحالات التي وصلت الي المركز يكون التحرش فيها من اقرباء المراة اي من هم يقطنون معها في نفس البيت وهذا بدوره يؤدي الى مشاكل نفسية للمراة بسبب التكتم الشديد, حيث يعتبر اختراق المراة لمثل هذه المواضيع شي سلبي".
واضافت ان "المطلقات هي النسبة الاكثر تعرضا للتحرش وذلك يعود للطمع فيها لانها هي لا تعتبر فتاة والتحرش فيها لن يفقدها عذريتها".
واشارت حبيب الى ان معظم الحالات التي تاتي الى المركز هي لفتيات ليست متزوجات وذلك لان " الفتاة تكون لديها خشية من الزواج لخوفها من عدم عذريتها بسبب التحرش, فتاتي الى هنا لعمل الكشف الطبي لها وفي هذه الحالة تتجرا االفتاة للقدوم الينا ,بالاضافة الى الحالات التي نستقبلها عبر الهاتف المجاني وتكون معظمها لنساء مطلقات او متزوجات ومعظم هذه الحالات ترفض الظهور وذلك بسبب الخوف من نظرة المجتمع".
واشارت حبيب الى الاسباب التي تساعد على ظهور هذه الظاهرة منها" سبب ولو بسيط وهو مكوث الرجل لمدة طويلة في المنزل فنجد ان الوقت الذي يقضيه بالمنزل قد ازداد مما يؤدي الى ازدياد فترة الاحتكاك بمن هم موجودون بالمنزل ,ايضا يعود للحالة النفسية الصعبة التي بات يمر بها الرجل وللطاقة الموجودة لديه دون وجود ما يفرغ به طاقته من نشاطات او عمل خارج المنزل".
ويشار الى ان بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في منتصف يونيه 2006 فان موظفين السلطة الفلسطينية التابعين للرئيس محمود عباس لا يداومون باعمالهم وعدد كبير منهم يمكثون بالمنزل .
هنا تختلف حالة زينب قليلا عن قرينتها "ع" فزينب تعرضت لتحرش وهي طفلة ولكنها لاتزال تعاني اثار هذا التحرش الى الان.
وقالت زينب التي تبلغ من العمر 23 عام والتي اختارت هذا الاسم ليكون اسم وهمي بعيدا عن اي شبهات " كنت صغيرة عندما كان ابن عمي يحاول ان يفعل معي امور غريبة فكان يناديني ويعطيني الالعاب من اجل ان العب بها من ثم يحاول العبث معي وملامستي بطريقة غريبة".
تابعت زينب التي ترددت كثيرا قبل البدء بالحديث "كان يستغل غياب اهله عن البيت ويطلب مني القدوم لبيته ومن ثم يبدا بخلع ملابسي السفلى عني ".
اضافت "انا لم اكن اعي او افهم ماذا يحدث وذلك لانني كنت اريد فقط اللعب بالدمى التي كان يعطيني اياها ولكن الان لا اتذكر من طفولتي سوى هذا الشي لا اعرف لماذا ولكني اتذكره جيدا,
حقيقة انا الان لدي شك وريبة مما كان يفعله بعد ان فهمت ماذا كان يحاول ان يفعل".
وكلما احاول ان انسى اجد هذا الشئ امام اعيني".
وطالبت زينب قريناتها بعدم الخوف وان يتحدوا المجتمع ويتحدثوا لان صمتهم بمثابة جريمة بحقهم وايضا طالبت كل الاهالي بان"يحافظوا على اطفالهم جيدا وان لا تجعلوهم بعيدين عن انظاركم". لان الطفل هو اكثر الناس تاثرا لهذه الامور".
وقال سائد السرساوي اخصائي نفسي في مشروع حماية الطفولة في المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات لـ"سما" " الطفل الذي يواجه التحرش الجنسي او الاغتصاب يواجه بذلك ظروف صعبة جدا ,نحن بدورنا في المركز ندعمه نفسيا ولكن هل من الممكن للمجتمع ان يتقبل مثل هذه الحالة.. السؤال هنا كبير لان المجتمع للاسف يرفض تقبل مثل هذه الحالة".
وتابع "في هذه الحالة على الضحية ان تتعايش مع نفسها وعليها التعويض بشي اخر ,اما بالنسبة للارتباط فهذا يعود لظروفها وظروف الشخص المرتبط معها".
وقال اسلام شهوان المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية في الحكومة المقالة لـ"سما"" في الاجهزة الامنية تختلف قضية التحرش الجنسي من حالة لحالة ومن حدث لحدث لدينا قضيايا كثيرة في هذا الموضوع واحيانا تكون قضايا عادية".
وتابع انه "في حالة ان الفتاة قدمت شكوى ضد شخص ما نحن بطريقة رسمية نحتاج في هذه الحالة الى دليل مادي او دليل طبي .... في معظم الاحيان نعتمد في القضايا الخاصة والحساسة على افادة الفتاة".
واضاف ان "التحرش الجنسي من الممكن ان يكون لفظي او بالغمز واللمس او اغتصاب او مواعدة بين شاب وفتاة".
واشار شهوان الى انه يتم معالجة مثل هذه القضايا " في اطار ضيق ومعالجتها بحكمة بحيث ان تحافظ على سمعة الفتاة او الشاب وايضا حرصنا على النسيج الاجتماعي حتى لا نسبب نشوب شجارات بين العائلات لان طبيعة مجتمعنا حساس اتجاه مثل هذه القضايا".
واضاف انه "اذا وجدنا ان القضية بدات تاخذ منحى كبير نضطر الى اعتقال الشخص واحالته للنيابة العاملة وبهذه الحالة النيابة هي من تقرر ما هي العقوبة اما بالحبس او دفع كفالة او وجود ورقة مصالحة وهذا ما نسعى له".
وتابع "نحن نحاول الحد من هذه الظاهرة عن طريق اقامة محاضرات تثقيفية في المراكز والجوامع والمخيمات الصيفية للشباب وللاهالي ايضا".
من : نغم مهنا